Powered By Blogger

الاثنين، 29 أبريل 2013

بداية اتصال الشرق بالغرب




اعداد و تقديم الباحث  ثامر عبد جبر  البديري                         


-I مـقـدمــه: - بداية اتصال الشرق بالغرب :
    تطرأ على حياة الأمم تغيرات تنقلها من حال إلى حال، فإذا كان هذا التغير من سيئ إلى حسن ومن ضعف إلى قوة سمي ذلك نهضة، وعكسه الانحطاط، والنهضة الأدبية هي ارتقَاء فنون الأدب أو بعضها شكلا ومضموناً.
ولقد عرفت الأمة الإِسلامية ومنها الشعوب العربية  تأخرا أرهق حياتها وأضعف مصادر الفكر فيها، وبخاصة في ميدان الأدب لكنها في آخر القرن الثاني عشر ومطلع الثالث عشر للهجرة بدأت تستفيق، فمتى بدأت النهضة الحديثة في العالم العربي والإسلامي؟
اليقظة العربية أو النهضة العربية مصطلح تاريخي يعود إلى حركة عمت البلاد العربية بين سنة 1820 و 1914. وحسب تعريف الحركة هي تنبه العرب إلى ماضيهم، وإدراكهم واقعهم المتخلف، وسعيهم لإحياء الماضي بما فيه من أصالة وتراث عربي إسلامي، والعمل على تجاوز التخلف من أجل بناء مستقبل أفضل.
 بدأت النهضة العربية مع اتصال المشرق العربي بأوربا ، التي كانت قد بلغت شأنا بعيداً في التقدم العلمي ، وأحرزت نتائج باهرة في مختلف العلوم، بينما التقدم العلمي في العالم العربي كان  أميراً على بعض مناطق لبنان وسوريا وكانت هذه البلاد تسمى الشام.
سافر السلطان فخر الدين إلى بعض البلاد الأوربية ، وشاهد ما وصلت إليه من تقدم حضاري ليس له مثيل في الشرق فأعجب بذلك أيما إعجاب ، فعمل على توثيق العلاقات بين بلاده ، وبلاد أوربا ، فاستقدم بعض الشركات الأوربية التجارية ، وأرسل بعض البعثات إلى روما لتلقي العلم في معاهدها ، وتعلم لغاتها.
وقد اهتم البابا بهذا الاتصال اهتماماً كبيراً ، فوجه بابا روما في ذلك الحين الآباء اليسوعيين أن يقوموا بإنشاء المدارس الأوربية في الشرق ، كما وجه باستقدام عدد من أبناء الموارنة إلى روما وإلحاقهم بمدارسها ليعودوا إلى بلادهم حاملين ثقافة أوربا وعلومهم ، فكانت أول بعثة عربية تعليمية إلى أوربا سنة 1578م .
ومثل ما اهتم ملوك إيطاليا بالشرق ، أهتم ملوك فرنسا بالشرق وبلبنان على وجه الخصوص ، فاستقدم لويس الرابع عشر ملك فرنسا عدداً من أبناء اللبنانيين إلى باريس حيث تعهد بتعليمهم مجاناً وأهتم المبشرون أيضاً بلبنان ، فأقبلوا إقبالاً شديداً فأنشأوا المدارس التي تعلم على المنهج الأوربي اللغات والعلوم التي كانت أوربا قد نبغت فيها .
ولكن على الرغم من ذلك كله فإن أثر اتصال الشرق بأوربا لم يكن له أثر واضح في بقية البلاد العربية ، فإن تأثيره لم يمتد إلى مصر والعراق أو غيرهما من الوطن العربي حتى جاءت سنة 1797م ، تلك السنة التي يعتبرها مؤرخو الأدب الحديث البداية الحقيقية للنهضة الأدبية والثقافية المعاصرة .
في تلك السنة دخل نابليون مصر مسلحاً بأحدث ما توصلت إليه أوربا من أنواع الأسلحة ،بينما كان المصريون وبقية أنحاء الوطن العربي لا تعرف من أنواع الأسلحة إلا السيوف والرماح وبعض البنادق البدائية .
اصطحب نابليون معه في حملته العسكرية جماعة من العلماء في تخصصات مختلفة ، فأنشأ مجمعاً علميا ، وأحضر معه مطبعة عربية كان يطبع بها المنشورات والتعليمات التي يريد إيصالها إلى الشعب المصري ، ولم تكن مصر تعرف الطباعة قبل ذلك .
على الرغم من أن نابليون وعلماءه لم يمكثوا في مصر أكثر من ثلاث سنوات فقد كان لتلك السنوات الثلاث أثر بليغ في الثقافة العربية والأدب العربي ، لأن ذلك اللقاء بين الشرق وأوربا قد بعث في الشرق روح التحدي والتصدي .
لما طرد المصريون نابليون من مصر سنة 1801م وتولى محمد على عرش مصر سنة 1805م فكر في إنشاء دولة حديثة تستعين بما وصلت إليه أوربا من العلوم والفنون والآداب ،وهنا تجمعت عدة عوامل أدت إلى ما يسمى بـالأدب العربي الحديث.
-II عوامل نهضة العربية الحديثة:
      تضافرت عدة عوامل ساعدت على ظهور اليقظة العربية في منتصف القرن الثامن عشر ، واتساع ينابيعها وتنوعها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وهي عوامل داخلية وخارجية:
• العوامل الداخلية:
1. حركات الإصلاح الإسلامي
2. الجمعيات والأحزاب السياسية
3. سياسة التتريك
• العوامل الخارجية:
1. انفتاح العالم العربي على الفكر الأوروبي
2. الحملة الفرنسية على مصر وبلاد الشام
3. إصلاحات محمد علي
4. البعثات التبشيرية التي ساهمت في تنشيط الحركة التعليمية
1.   البــعثـــات العلـــميــة:  
أرسل محمد علي سنة 1826م مجموعة من الشباب المصريين إلى فرنسا عددهم أربعة وأربعون طالبا من طلبة الأزهر على رأسهم رجل النهضة الكبير رفاعة الطهطاوي لينهلوا من العلوم التي توصل إليها الغرب وليتخصصوا بعد إتقان اللغة الفرنسية في دراسة مختلف المجالات منها العلوم المختلفة في الزارعة ، والطب والجراحة والتشريح ، والطبيعة ، والكيمياء والعلوم البحرية ، و الميكانيكا والترجمة.
كان هذا أول لقاء بين المصريين وبين الثقافة الغربية ولما عاد هؤلاء المبعوثون عادوا بثقافة جديدة ، وعقلية اتصلت بالحضارة الغربية ، وعرفوا أشياء لم يكونوا يعرفونها من قبل ، فقاموا بترجمة كثير من علوم أوربا وألفوا باللغة العربية كتبا في العلوم والآداب فأثروا اللغة بما زودوها به من أفكار ومصطلحات حديثة .
2.       الترجــمة:
كان لترجمة الكتب الفرنسية والإنكليزية إلى العربية أثر كبير في النهضة الأدبية، وقد بدأت حركة الترجمة في بلاد الشام على يد بعض رجال البعثات الدينية، إذ ترجم هؤلاء بعض الكتب التي احتاجوا إليها في التدريس، لكن حركة الترجمة لم تقو وتتنوع إلا بعد عودة رجال البعثة المصرية الأولى الذين بدؤوا بترجمة بعض الكتب العلمية. ويعود الفضل الأكبر في تنشيط هذه الحركة إلى الطهطاوي الذي أنشأ «مدرسة الألسن» عام 1835، وقد عنيت هذه المدرسة بتعليم اللغات الأجنبية المختلفة وترجم خريجوها مئات الكتب والقصص والمسرحيات، كما شارك السوريون واللبنانيون بقوة في تلك الحركة، ولاسيما بعد أن هاجر بعضهم إلى مصر، مثل: نجيب الحداد، وبشارة شديد، وطانيوس عبده...حتى بلغ عدد الكتب المترجمة نحو ألفي رسالة وكتاب، ثم اتسع نطاق الترجمة بازدياد مطرد وما زال يتسع حتى اليوم إذ تشمل المترجمات أهم روائع الأدب العالمي في سائر اللغات الأجنبية الحية.
3.            إنشاء المطبعة :
عرف الشرق العربي المطبعة قبل مجيء ، نابليون إلى مصر، فقد عرفها في لبنان غير أنها لم تكن ذات تأثير في الأدب العربي لأنها كانت مقصورة على طباعة الكتب الدينية .
أنشأ محمد علي أول مطبعة عربية في مصر سنة 1821م في حيّ بولاق فعرفت باسم مطبعة بولاق، لقد كان لمطبعة بولاق أثر واضح في النهضة الأدبية المعاصرة حيث قامت بطبع أمهات كتب الأدب العربي شعراً ونثراً ، كما طبعت مئات من الكتب العربية في الطب والرياضيات والطبيعيات ، والتاريخ والتفسير والحديث ،أقبل الناس على كتب الأدب يقرءونها ، ويحفظون من دواوين الشعراء الأقدمين عيون الشعر العربي ، ومن كتب الأدب أرقاها أسلوباً ، ومـن كتب اللغـة ما وصلـهم باللغة القوية الأصلية.
4.            إنشاء الصحف :
أدى إنشاء المطبعة إلى ظهور لون جديد من ألوان القراءة هو الصحيفة التي لم تكن معروفة في الثقافة العربية من قبل،فقد انشأ محمد علي أول صحيفة في الوطن العربي سنة 1828م ، تولى رئاسة تحريرها رفاعة رافع الطهطاوي  وهو عالم أزهري ذهب مع أول بعثة إلى فرنسا ليكون إماماً لها في الصلاة .
كان من أثر الصحف في النثر أنها هذبته وصقلته ، ونقلته من المحسنات البديعية من سجع وجناس وطباق ، إلى نثر مرسل دون قيد من القيود البديعية ، كما أنها مالت به نحو الإيجاز والسهولة لأن قراء الصحف لا يسيغون التقعر والأغراب في اللغة .
5.        حركة إحياء التراث:
كان من أثر الاتصال بالغرب، وابتداء الاستقاء من ثقافته، وما رافق ذلك من استشراق أو استغراب، أن تنبهت العقول إلى ضرورة إحياء التراث العربي ونشره.،وقد أنشا علي مبارك  جمعية لنشر المخطوطات العربية القديمة برئاسة الطهطاوي. وفي عام 1898 تألفت جمعية أخرى للعناية بنشر كتب التراث، وكان من أعضائها أحمد تيمور  وحسن عاصم وعلي بهجت، وقد أفادت حركة إحياء التراث مما سبقها إليه المستشرقون في ما نشروه من كتب التراث العربي، إذ عرف عن هؤلاء منهجهم العلمي في تحقيق المخطوطات، ومراجعة أصولها، وموازنة بعضها ببغضها الآخر، كما إنهم أخرجوا ما نشروه في طبعات أنيقة مزودة بالتعليقات المفيدة والفهارس الدقيقة، ولا يزال نشاط حركة إحياء التراث في تصاعد مستمر بفضل ازدياد الوعي بضرورة معرفة التراث معرفة صحيحة وشاملة، وتمثل خير ما فيه تمثلاً موضوعياً مفيداً.
6.             المدارس والجامعات:
سبق تأسيس المدارس والجامعات في مصر وبلاد الشام نظيره في الأقطار العربية الأخرى، وكان التعليم في مصر قبل محمد علي باشا مقصوراً على الكتاتيب وعلى الجامع الأزهر الذي أصبح في عام 1936 جامعة تضم كليتي «الشريعة وأصول الدين» و«اللغة العربية». وبعد عام 1961 أضيفت إليه كليات العلوم الحديثة المتنوعة، وفي عهد الخديوي إسماعيل أنشئت مدارس الحقوق والمعلمين والعلوم والفنون والصناعات ودار العلوم العالية، وهكذا تدرج التعليم من الابتدائي إلى الثانوي، ولاسيما بعد عودة رجال البعثة الأولى من فرنسا، ثم عني المسؤولون بالتعليم العالي فأنشئت «الجامعة المصرية» في القاهرة عام 1908، وتوالى بعد ذلك إنشاء الجامعات الأخرى في القاهرة والإسكندرية وأسيوط وغيرها. أما في بلاد الشام فكانت مدارس البعثات الدينية أسبق من غيرها، ثم كثرت المدارس وتنوعت بين أهلية وأجنبية، فكان منها في لبنان مدرسة «عينطورة» ، ومدرسة «عبيّة» العالية التي أسست عام 1847، وأدارها المستعرب الأمريكي كرنيليوس ،وفي عام 1860 أنشئت «المدرسة الإنكليزية» وهي أول مدرسة للبنات، ثم «الكلية الإنجيلية الأمريكية» للبنات عام 1861. ومنذ أواخر القرن التاسع عشر أخذت المدارس الابتدائية تنتشر في دمشق وحمص وحماه وحلب وسواها. ثم أنشئت في عام 1901 مدرسة للحقوق أضحت فيما بعد «كلية الحقوق»، وأنشئ «المعهد الطبي العربي» فكان منهما نواة الجامعة السورية بعد الحرب العالمية الأولى (جامعة دمشق اليوم).
7.    الجمعيات الأدبية:
أسست في العصر الحديث جمعيات كثيرة كان لها دور بارز في إذكاء روح النهضة، ومن هذه الجمعيات ما هو أدبي، وما هو علمي، وما هو سياسي/ والمعول عليه هنا الأدبية، وإن أسهمت الجمعيات الأخرى إسهاماً غير مباشر في النهضة الأدبية. وسبقت بلاد الشام مصر وغيرها في هذا المضمار، إذ تأسست «الجمعية السورية» في بيروت عام 1847 على يد الإرساليين الأمريكيين، وكان هدفها نشر العلوم وترقية الآداب والفنون.وقد أربى أعضاؤها على الخمسين منهم بطرس البستاني و ناصيف اليازجي، وقد زودت هذه الجمعية بمكتبة. ثم تأسست «الجمعية العلمية السورية» في بيروت وبلغ عدد أعضائها مئة وخمسين من مختلف مدن الشام إضافة إلى بعض المصريين، وظلت هذه الجمعية تعمل حتى عام 1868. ثم أنشئت في بيروت «جمعية زهرة الآداب» عام 1873 وكان من أعضائها نفر من الأعلام بينهم: سليمان البستاني، وأديب إسحاق، ويعقوب صروف، وفارس نمر، وإبراهيم اليازجي. وكان هدفها التمرس بالخطابة والبحث وكتابة الروايات والمسرحيات التي كان يمثلها الأعضاء أنفسهم. وقد توقفت في عهد السلطان عبد الحميد، ويضاف إلى هذه الجمعيات أندية وجمعيات أخرى تأسست في أشهر حواضر بلاد الشام. أما في الآستانة - عاصمة السلطنة - فقد تأسس «المنتدى الأدبي» الذي اتخذ أعضاؤه من النشاط الأدبي واجهة للعمل السياسي القومي العربي. وأشهر الجمعيات في مصر «جمعية المعارف» أنشأها محمد عارف عام 1868 لنشر الثقافة وإحياء التراث. وقد نشرت كثيراً من كتب التاريخ والفقه والأدب وبلغ عدد أعضائها ستين وستمائة منهم: إبراهيم المويلحي والشدياق ومحمد شافعي ومصطفى رياض باشا وسواهم. وتلتها جمعيات ومنتديات كثيرة، منها «جمعية مصر الفتاة»، وكان من أعضائها جمال الدين الأفغاني وأديب إسحاق وعبد الله النديم.
8.             المجـامع اللغوية:
 ساعدت هذه المجامع على خدمة اللغة والأدب والتراث العربي مساعدة طيبة، وأقدمها هو «المجمع العلمي العربي» تأسس في دمشق عام 1919، وقد عني هذا المجمع بوضع المصطلحات العلمية الحديثة، وتصحيح الأخطاء اللغوية الشائعة، ونشر كتب التراث، وضم أعضاء دائمين من سورية وأعضاء مراسلين من البلاد العربية الأخرى ومن المستعربين ومنذ عام 1958 غدا اسمه «مجمع اللغة العربية». وفي القاهرة تأسس «مجمع فؤاد الأول للغة العربية» عام 1932، وصار اسمه فيما بعد «مجمع اللغة العربية» وبعد ذلك تأسست مجامع أخرى مشابهة في عدد من الأقطار العربية كالعراق والأردن والسودان والمغرب وسواها.
9.     المكتبــات:
 من المكتبات المهمة ما هو عام وما هو خاص، وأشهر هذه المكتبات وأقدمها «دار الكتب الخديوية» التي أنشأها علي مبارك في القاهرة عام 1870، ثم «المكتبة الظاهرية» التي تأسست في دمشق عام 1878 أيام حكم الوالي مدحت باشا وأشرف على جمع كتبها ومخطوطاتها النفيسة الشيخ طاهر الجزائري ، ثم «المكتبة الأزهرية» التابعة للجامع الأزهر في القاهرة، وقد تأسست عام 1879 بعد أن ازدادت ثروة الجامع الأزهر من الكتب.،ومن أشهر المكتبات الخاصة «الخزانة التيمورية» لأحمد تيمور. وتمتاز هذه الأخيرة من سواها باحتوائها الكتب الأجنبية التي ألفها المستشرقون بالفرنسية والإنكليزية والألمانية وغيرها من اللغات.،وفي العراق مكتبات «الكاظمية» و«كربلاء» و«النجف» و«الحلة» و«السماوة» و«بغداد»، وفي المدينة المنورة مكتبة «عارف حكمت». وفي تونس «المكتبة الصادقية» وفي الجزائر «مكتبة الجزائر الأهلية» وفي الرباط «الخزانة العامة». وفي عام 1978 أنشئت مكتبة الأسد الوطنية في دمشق لتصبح أحدث وأهم مكتبة في الوطن العربي بما تحويه من نفائس الكتب، وما تستخدمه من تقنيات حديثة في الأرشفة والحفظ والإعارة، كما تهتم بجمع كل ما يصدر من النتاج الأدبي والفكري العربي وما يتعلق بالثقافة العربية على وجه الإجمال.
10.      المسرح :
لم يعرف الوطن العربي ، ولا الأدب العربي هذا اللون من ألوان الأدب ، وإنما ظهر المسرح لأول مرة مع غزو نابليون لمصر ، فكان ذلك شيئاً جديداً في الشرق ، ولما لم تكن في الأدب العربي نصوص مسرحية فقد قام عدد من الأدباء بترجمة عدد من المسرحيات الفرنسية إلى اللغة العربية مما أضاف رافداً جديداً إلى الأدب العربي .
11.      المستشرقون:
المستشرقون علماء من أوربا وأمريكا وروسيا ، اهتموا بالشرق وتاريخه وآدابه ودياناته ولغاته ، فعكفوا على دراسته دراسة عميقة .اهتم كثير من المستشرقين بالأدب العربي واللغة العربية منذ زمن طويل فجمعوا كثيراً من الكتب المخطوطة فقاموا بدراستها وتصحيحها وطبعها في صورة جميلة ، فنشروا كثيراً من دواوين الشعراء وكتب الأدب فأقبل الأدباء والشعراء على هذه الكتب المصححة فنهلوا مما فيها من جمال وبلاغة .

-III مراحل تطور الأدب العربي الحديث ومظاهره:
 أولاً : الشـــعـــــر
ظهرت عدة أنواع من الشعر في هذا العصر منها: الشعر المسرحي ،القصصي، الملحمي والشعر الغنائي أو الوجداني،ومر الشعر العربي المعاصر بثلاثة أطوار نلخصها فيما يلي:
الطــور الأول :
أ- طور الضعف: اتسم الشعر في هذا الطور بالضعف في اللغة والفكرة فقد كان شعراً ركيكاً ضعيفاً في شكله ومضمونه ، ففي شكله كان مثقلاً بأنواع المحسنات اللفظية المتكلفة ، وكان هم الشاعر عندما يهنئ بمولود أو يرثي شخصاً أو يقرظ كتاباً أن يذكر في البيت الأخير أو عجزه تاريخ المولود أو المرثي أو تاريخ تأليف الكتاب،أما من حيث المضمون وأغراضه في هذا الطور فقد كانت المعاني ضيقة تافهة و مبتذلة.
الطــور الــثـاني :
ب- طور الانتقال من التقليد إلى التجديد: لقد أخذت عوامل النهضة تعمل عملها في نفوس الأدباء والشعراء ، وفى عقولهم فقد طبعت كثير من دواوين الشعراء في عصور العربية لزاهرة كما طبعت كتب الأدب التي ألفت في العصر العباسي أمثال كتب الجاحظ وابن المقفع وآمالي أبي على القالي وغيرها ، كما عاد المبعـوثون من أوربـا وقد اطلعـوا على ألـوان وأجناس من الأدب لم تكن معروفة في الأدب العربي .
من أبرز شعراء هذا الطـور« رفاعة الطهطاوي» ، فالقارئ لشعر الطهطاوي يجد فيه طابعاً تجديدياً بارزاً يتمثل في الشعر الوطني ، لأن في الشعر الوطني حديثاً عن الوطن بمفهومه السياسي والحضاري .
الطــور الــثـالـث :
ج-طور التجديد والأصالة : اتسم الشعر في هذا الطور بالتخلص تماماً من قيود المحسنات البديعة ففي هذا الطور وثبت العبارة الشعرية من الضعف والركاكة إلى المتانة والجزالة كما قال العقاد ، فقد ظهر جيل جديد من الشعراء حطم قيود التقليد تحطيماً كاملاً .
وربما كان الذي هيأ للشعراء ، في هذا الطور أن يتخلصوا من الطورين السابقين هو ما انبعث في النفوس من النفور من التقليد المزري الذي كان سمة الجيل السابق ، كما أن البعد الكامل من الثقافة التقليدية ، ثقافة عصر المماليك ، والاقتراب إلى حد من الثقافة الأوربية ، نقول إلى حد ما ، لأن أثر الثقافة الأوربية لم يكن قد تغلغل في النفوس ، وما ذلك إلا لأن المطلعين على الثقافة الأوربية لم يكونوا بالكثرة التي تؤثر في الحياة الثقافية ، ثم إن المترجم من الآثار الأدبية الأوربية شعراً ونثراً كان من القلة بحيث لم يترك أثراً يحتذي وينسج على سواله .
فكان لابد لأدباء هذا الطور من الاتجاه إلى الثقافة العربية لأصلية التي كانت المطبعة قد أخذت تقذف بها إلى القـراء  فقد طبعـت دواوين الشعـراء وكتب الأدب في المشرق وفى الأندلس ،لقد أنجب هذا الطـور شعراء أفذاذاً تمـيز شعرهم بخاصيتين لم تكونا فيمن سبقهـم من الشعراء .
أولاً :البيان الناصع الذي يعد عنصراً أساسياً من عناصر شعر هذا الطور .
ثانيا :المحافظة على النمط العربي المشرق الذي كان يمثله شعراء العربية الكبار
Ø            موضوعات الشعر في هذا الطور:
أ- التجارب الخاصة للشاعر: التفت الشاعر إلى ذاته فعبر عما يجول فيها من مشاعر وأحاسيس ، وبخاصة تلك التي تهز أعماقه هزّاً عنيفاً .
ب- الوطن وقضاياه: اهتم الشعراء في هذا الطور بأوطانهم وقضاياها اهتماماً كبيراً فقد شاركوا أمتهم في كل ما ألم بها من أفراح وأحزان ، بل إن الحياة السياسية مصورة في شعرهم أصدق تصوير.
ج- استحياء التراث: يعد الاهتمام بالتراث الإسلامي والعربي عند شعراء هذا الطور من مظاهر النهضة الشعرية المعاصرة ، وجاء ذلك نتيجة لنشر كتب التراث الأدبية والدينية والتاريخية.
إن من يطلع على شعر هذا الطور يجد استحياء التراث واضحاً سواء في عناوين القصائد أو في مضامينها ، وكان شوقي أكثر الشعراء حديثاً عن التراث في شعره ، وقصائده .
د- قضايا العالم الإسلامي والعربي : كان النصف الأول من القرن العشرين حافلاً بالأحداث الجسام التي أخذت بخناق العالم العربي والإسلامي .وإن أول تلك الأحداث الهجمة الصليبية على الدولة العثمانية التي قامت على الإسلام ، فتألفت الجمعيات السرية المشبوهة التي أخذت تنخر في جسد الدولة العثمانية تساعدها اليهودية الحاقدة على الإسلام متدثرة بشعارات الحرية والقومية ثم تدخلت الدول الأوربية الصليبية فقضوا على الخلافة ، وولوا وجه تركيا شطر أوربا فحاربوا الإسلام واللغة العربية حربا لا هواة فيها ، ولما انتهت الحرب العالمية الأولى سنة 1918م اجتمعوا على البلاد الإسلامية ، واستعمروها ، وأخمدوا كل الثورات التي هبت في وجههم بقوة .
لقد عبر شعراء هذا الاتجاه عن كل ذلك تعبيراً صادقاً ، فاشترك البار ودي في حروب تركيا ضد أعدائها ، اشترك بسيفه وقلمه وها هو يصور إحدى هذه المعارك تصويراً حياً .
وضعوا السلاح إلى الصـباح وأقبلـوا * يتكلمــون بألسـن النـيران
حتى إذا ما الصبح أسفـر وارتمـت * عـيناي بين ربـا وبين مجـان
فإذا الجــبال أسـنة وإذا الوهـاد * أعـنة والمـاء أحمـر قــان
وتوجست فـرط الركـاب ولم تكن * لتهاب فامتنعت على الإرسـال
ثانيا : الــنــثــــر
 إن عوامل النهضة التي ذكرناها من قبل ، والتي كانت قد أخذت تؤتي ثمارها في الشعر العربي ، قد ظهرت آثارها في النثر شيئاً فشيئاً ، وإن المراحل التي مر بها الشعر مر بها النثر أيضاً.
المرحلة الأولى :
أ- مرحلة الضعف: ظل النثر العربي طوال النصف الأول من القرن التاسع عشر نثراً ضعيفاً تقليدياً لم يستطع أن يتخلص من آثار العصر العثماني فكان يرسف في أغلال السجع والجناس والطباق والتورية، متكلفا في ذلك تكلفاً شديداً ، هذا من حيث الصياغة والأسلوب ، أما من حيث الموضوعات فكانت تدور حول الإخوانيات من تهنئة واعتذار وتقريظ ديوان ، فالكاتب لا يعبر عن مشاعره الخاصة ، ولا عما يجول في خاطره من عواطف الحب والحزن ، وإنما يحاكي ويترسم خطى كتاب الدواوين .
المرحلة الــثـانية :
ب- مرحلة الانتقال من الضعف إلى القوة: كانت عوامل النهضة، وبخاصة عودة المبعوثين من أوربا ، وطباعة كتب التراث شعراً ونثراً ، ونشرها ، وإقبال الأدباء عليها ، أدى كل ذلك إلى أن يتخلص النثر من تلك القيود ويحاول النهوض من كبوته ، فظهرت آثار ذلك في كتابات بعض الأدباء ، وخاصة في الموضوعات الديوانية ، والكتابة الديوانية كتابة رسمية من خصائصها صياغة العبارة صياغة محكمة خالية من السجع والتكلف .
ولما كانت الدواوين قد عربت من التركية إلى العربية ، فقد أحدث ذلك تغييراً في أساليب الكتابة ، فوجد لونان من ألوان النثر ، أحدهما ديواني محكم الصياغة بعيد عن الألاعيب اللفظية، وثانيهما : إخواني تكثر فيه الأصباغ البلاغية .
المرحــلة الــثالـــثة  :
ج-مرحلة التجديد والأصالة :خرج النثر من المرحلتين السابقتين ناضجا مستوياً ، تخلص من كل القيود التي كبلت خطواته ، فكان أثر عوامل النهضة فيه واضحاً ، وأثر الصحافة على الخصوص ، بل يعزى ارتقاء النثر إلى ظهور صحيفة« الوقائع المصرية » ، وهي صحيفة تعني بشئون البلاد ، أنشأها محمد على سنة 1828م ولعلها أول صحيفة تنشأ في الوطن العربي من أوائل الذين تولوا الكتابة في « الوقائع المصرية»، رفاعة الطهطاوي ، وحسن العطار وأحمد فارس الشدياق. ولما كانت الكتابة الصحفية لا تحتمل أثقال المحسنات البديعية كان على الكتاب والمحررين أن يلجئوا إلى النثر السهل المترسل والكتابة غير المتكلفة .
Ø     موضوعات النثر الحديث: تناول النثر عديداً من الموضـوعات في شتى مجالات الحياة من اجتماعية وسياسية وثقافية و فيما يلي بعض الموضوعات التي اهتم بها النثر في عصر النهضة العربية:
أ- الدفاع عم الشعوب المستعمرة::
سواء أكان ذلك الاستعمار أجنبياً مثل استعمار الإنجليز لكثير من بلاد المسلمين ، أم كان حكماً تركياً استبداديا ، فتولى النثر إثارة حماسة تلك الشعوب ضد مستعمريها وظالميها ودفعهم للتخلص من ذلك الاستعمار البغيض .
ومن نماذج هذا النوع ما كتبه محمد عبده يستنهض الشعوب العربية المستعمرة لتندفع في شجاعة وبسالة لتأخذ حقها عنوة ممن سلبوها حقها في الحرية والكرامة .
ب- الدعوة إلى تحكيم الشورى:
إن استبداد الحكام بحكم البلاد دون إشراك أهلها في أمورها العامة والخاصة يؤدي إلى الفساد السياسي والخمول الاجتماعي ، ورأي الجماعة أقوى من رأي الفرد ، لذلك دعا النثر إلى تحكيم الشورى ، قال جمال الدين الأفغاني ناصحاً توفيق باشا أحد حكام مصر من أسرة محمد على و داعياً له أن يأخذ بالشورى : « وإن قبلتم نصح هذا المخلص ، وأسرعتم في إشراك الأمة في حكم البلاد عن طريق الشورى ، فتأمرون بإجراء انتخابات نواب الأمة لتسن القوانين وتنفذها باسمكم وإرادتكم ، يكون ذلك أثبت لعرشكم وأدوم لسلطانكم».
ج- الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي :
ظلت الشعوب العربية تعيش تحت وطأة الفقر ردحاً طويلاً من الزمن ، كان الحكام فيه يستغلون الفلاحين والعمال أسوأ استغلال ،كما أن الجهل من أسوأ الأمراض الاجتماعية ، فهو العش الذي تعشش فيه الخرافات ويشيع الدجل والشعوذة. ومما زاد من فقر الشعوب المعاملات غير شرعية التي يتعامل بها الأغنياء مع المزارعين لجهلهم ،ولذلك اهتم رواد النثر في هذه الفترة بمعالجة هذه القضية الحساسة.
د- الوحدة الوطنية:
في الوحدة الوطنية تتمثل قوة الأمة وتماسكها أمام الأزمات، لذلك يحرص الحكام والأدباء، والشعراء على صيانة هذه الوحدة وتأكيدها مستخدمين في ذلك كل الوسائل من قوانين وصحف وقد أسهم النثر العربي الحديث في هذه القضية مدافعاً عنها نافياً ما يدعيه خصوم الأمة من تعصب المسلمين على النصارى .
خصــائــص النـثـر في هـذه الـمرحلة : يمكن إجمال خصائص النثر في الآتي :
· تقصير الجمل ، بحيث أصبحت الجملة الواحدة مختصة بأداء معنى واحد ، ولم يعبر عن المعنى الواحد بجمل متعددة.
· ترك المبالغة ، واجتناب الزخارف اللفظية .
· السهولة والوضوح ، لأن الصحف وقراءها لا يسيغون الغموض والتعقيد الذي يبعد بالمقال عن هدفه.
· اختيار الألفاظ الجملية المتأنقة ذات الإيقاع الموسيقي التي تمتع القارئ وتجذبه.
 
مـجـــــالات النــثر الـحـديـــث:
أولاً : الخطابة
أ-الخطابة السياسية:
إن إنشاء الجمعيات الأدبية والسياسية والثورة العرابية ساعدت على نشوء هذا النوع من الخطابة ، وأشهر الخطباء السياسيين في مصر مصطفى كامل ، وسعد زغلول وعبد الله النديم .
ب-الخطابة الاجتماعية:
إن الحالة الاجتماعية السيئة التي كانت تعيش فيها الأمة العربية آنذاك دعت الخطباء إلى أن يتجهوا إلى معالجة الموضوعات الاجتماعية ، فاتخذت الخطابة وسيلة لبث أفكار الإصلاح والدعوة إلى حياة أفضل .
ج- الخطابة الدينية: :
ظلت الخطابة الدينية على ما كانت عليه في العصور الماضية حتى ظهرت الجمعيات الإسلامية التي حركت الخطابة الدينية من ركودها إلى خطابة حية تناقش القضايا التي تهم الأمم الإسلامية من مثل التوجه نحو الإسلام ، وتحكيم الشريعة ، واتخذت من منابر المساجد ، ومنصات الجمعيات أماكن لتوصيل مفاهيمها وأهدافها.
ثانيا: المقالة
المقالة شبيهة بالرسالة كما عرفت عند الجاحظ وابن المقفع وأبي العلاء المعري ، شبيهة بها من حيث تناولها موضوعا محدداً في صورة مركزة ، والموضوع الذي تتناوله الرسالة يتصل بقضية من القضايا الحية التي تشغل المجتمع ، ويتجه فيها الحديث نحو الجماعة .لم يكن العرب على معرفة بهذا النوع من النثر فقد أسهمت حركة الترجمة الواسعة التي تمت في القرن التاسع عشر ، وانتشار الصحف وتنوع مجالاتها ، وتوجيهات جمال الدين الأفغاني في إرساء دعائم هذا النوع من النثر الفني الجديد .تتنوع أساليب كتابة المقالة حسب ثقافة كاتبها ، وحسب الموضوع المتناول فالكاتب ذو الثقافة الفكرية يغلب على أسلوبه الجانب الذهني ، والكاتب ذو الثقافة الفنية يغلب على أسلوبه التصوير والخيال ، واستخدام الأدوات الفنية ، والكاتب ذو الثقافة العلمية يغلب على أسلوبه الجمل القصيرة المحددة ، واستخدام المصطلحات العلمية والإحصاءات الرياضية .
أساليب الكتاب في القرن العشرين:
 قام الدكتور أحمد هيكل بتحليل واستخلاص خصائص ومميزات خمسة من أشهر الكتاب في عصر النهضة العربي في مصر:.
أ-طريقة طه حسين:
هي طريقة التصوير المتتابع هذا الكاتب يغلب على أسلوبه التصوير بالألفاظ والجمل وتقديم المشاهد المتتابعة ، ويعتمد أسلوبه على الجمل القصار .وإيراد تلك الجمل أو بعض أجزائها فيما يشبه التكرار ومن أهم وسائل طه حسين استخدام الروابط ..
ب-طريقة العقاد:
طريقة التعبير المحكم :يعمد العقاد إلى التعبير عما عنده بألفاظ وجمل محكمة ، فيها الدقة ، وفيها القصد ، وفيها التركيز ، وفيها دسامة الزاد قبل أن يكون فيها رونق الشكل ، فلا إفراط في المقدمات ولا لجوء إلى التكرار سواء بالكلمة أو الجملة ، لأنه لا محل لشيء من ذلك وإنما المحل الأول لإعطاء أوفر معان وأغزر أفكار ..
ج- طريقة الرافعي:
طريقة البيان المقطّر :لأنه يميل في أسلوبه إلى الناحية البيانية ، ويهتم في المقام الأول بجمال الصياغة ، وروعة الديباجة ، هو بيان فيه بعد وتركيب وجهد حيث يميل صاحبه إلى اعتصار المعاني وتوليد الأفكار ، ومزج الخواطر من خلال مجازات مركبة واستعارات بديعة ، وكنايات خفية فيأتي بيانه آخر الأمر أشبه بعملية تقطير ألوان من الزهور المعروفة ، والورود المألوفة ، والرياحين الشائعة لاستخلاص عطر مركب مركز غريب ، فيه جمال ، ولكن ليس فيه بساطة .
د- طريقة الزيات:
طريقة البيان المنسق: إن هذا الكاتب يميل أولاً في أسلوبه إلى الناحية البيانية ويجعلها في المحل الأول ، ثم إنه ثانياً لا يعمد إلى البيان البسيط أو البيان المركب ، وإنما على البيان الذي يقوم على التنسيق والهندسة ، فالجملة فيه تعادل الجملة ، بل الكلمة تعادل الكلمة ، والفقرة توازي الفقرة ، حتى يتألف من الكلمات والجمل والفقرات لوحات بيانية تتقابل خطوطها ، وتتعادل مساحاتها ، وتتوازن ألوانها .
والزيات يهتم لتحقيق ذلك باستخدام ألوان من المحسنات ولكن في مهارة فائقة ..
ه-طريقة المازني:
 طريقة الأداء المصري:إن هذا الكاتب يميل في أسلوبه إلى أن يؤدي مشاعره وأحاسيسه وأفكاره وانطباعاته بروح مصرية ، وبلغة فيها ظلال لغة المصريين ، فهو يميل إلى الدعابة ، والسخرية وإبراز المفارقات مما عرفت به الروح المصرية في تناولها للأشياء ثم هو يعمد إلى البساطة واليسر في التعبير .. وهو يؤثر من هذه وتلك ما له رصيد نفسي مصري وإشعاع شعبي غني ما دامت الفصحى لا تنكرها ، والعربية السليمة لا ترفضها ، وبرغم هذا الأداء المصري في طريقة المازني فقد كان غالباً ، لا يتورط في إهمال قواعد اللغة أو اللجوء إلى الألفاظ والتراكيب العامية .
ثالثا: المسرحية
لقد ظهرت المسرحية في الأدب العربي بعد مجيء نابليون إلى مصر ، ولم تكن معروفة قبل ذلك ،وأول مسرحية عربية هي المسرحية التي ترجمها عن الإيطالية عبد الله أبو السعود توفى سنة 1878م ، ثم ترجم مارون النقاش توفى سنة 1885م مسرحية (البخيل) للأديب الفرنسي موليير .ولما أطــل القـرن العشرون ظهرت المسرحية العـربية الأصيلة.
رابعا: الرواية
الرواية فن حديث ، دخل الأدب العربي مع الثقافة الأوربية وهي قصة طويلة تستغرق كتاباً كاملاً تتناول موضوعاً من موضوعات الحياة وتعرضه في مساحة زمنية واسعة ، وتتعدد الشخصيات في الرواية ، وتتعدد الأمكنة والأزمنة ، ويصور كل ذلك تصويراً دقيقاً مشوقاً .
وإن أشهر نموذج للرواية العربية المعاصرة هي روايات نجيب محفوظ (السكرية ) و( بين القصرين ) و (قصر الشوق) التي صورت الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر .
-IV أعلام النهضة العربية :
v   أحمد لطفي السيد: ولد في 15 يناير 1872 بقرية برقين، بمحافظة الدقهلية وتخرج من مدرسة الحقوق سنة 1894 م. تعرف أثناء دراسته على الإمام محمد عبده وتأثر بأفكاره الإصلاحية.
v   الشيخ العربي التبسي: (1895-1957) أحد أعمدة الإصلاح في الجزائر ، وأمين عام جمعية العلماء المسلمين والمجاهد البارز الذي خطفته يد التعصب والغدر الفرنسية عام 1957 ولم يُسمع له ذِكر بعدها.
v   الفضيل الورتيلاني: ( 1900م-1959م ) من أعلام الجزائر،ولد الفضيل بن محمد حسين الورتلاني في بلدية بني ورتلان بولاية سطيف في الجزائر يوم 2 جوان 1900 م لأسرة عريقة في العلم ، والثقافة الإسلامية ، حيث حفظ القرآن الكريم ، ودرس مبادئ العربية والعلوم الشرعية.
v   بطرس البستاني:ولد بالدبية 1819 و توفي في 1883 ،هو أديب لبناني من أعظم أركان النهضة، اشترك مع فانديك في ترجمة الكتاب المقدس إلى العربية و أنشأ ”المدرسة الوطنية“ في بيروت عام 1863 و كان أول من نادى بتعليم المرأة. من آثاره ”قاموس محيط المحيط“، يعتبر من رواد الصحافة العربية الأولين و بطرس البستاني انشأ أربع صحف شهيرة : نفير سورية و الجنان و الجنة و الجنينة.
v   جمال الدين الأفغاني: (1838 – 1897)، أحد الأعلام البارزين في عصر النهضة العربية وأحد الدعاة للتجديد الإسلامي.
v   الشيخ حمد الجاسر : (1910 ـ 2000): من أبرز العلماء الباحثين في السعودية والعالم العربي، وعضو سابق في أكاديميات بغداد ودمشق والقاهرة، كما كان قوة دافعة وراء النهضة التعليمية الحديثة في المملكة العربية السعودية. عمل في قطاع التعليم، والقضاء، والصحافة والنشر، وأنشأ (اليمامة)، أول صحيفة في الرياض، في عام 1952، وتبعتها جريدة (الرياض) في عام 1976 وأخيرا (العرب)، وهي فصلية متخصصة في تاريخ وآداب شبه الجزيرة العربية. أنشأ حمد الجاسر أول دار للطباعة في نجد في عام 1955، وفي عام 1966 أنشأ دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر.
لقد أسهم حمد الجاسر إسهامه الأكبر في ثقافة وطنه كعلاّمة ومؤرخ وجغرافي، وخلف العديد من الكتب التي تحمل اسمه والتي تغطي حقولا متنوعة من المعرفة: من المصورات الجغرافية والتاريخية إلى أدب الرحلات وكتب السيرة وطبعات نقدية للنصوص التراثية الهامة. وقد أسهم حمد الجاسر بعمق في تحديد استراتيجيات مؤسسة الفرقان للتراث الاسلامي لصاحبها أحمد زكي يماني، والتي كان عضوا مؤسسا للمجلس الاستشاري الدولي للمؤسسة.
v   حمزة شحاتة : ( 1908م - 1972م) شاعر و أديب سعودي من رواد الشعر الحداثي في الحجاز مع رصيفه وخصمه محمد حسن عواد، وناثرٌ بمضامين فلسفية عميقة، وخطيب مفوّه بانطلاقات أخلاقية وأفكار نهضوية. وعازف على العود وملحن وموسيقي بارع.
v   عباس محمود العقاد : هو من أهم الأدباء المصريين في العصر الحديث، ولد في أسوان في 29 شوال 1306 هـ - 28 يونيو 1889، وتخرج من المدرسة الإبتدائية سنة 1903.
v   عبد الحميد بن باديس: هو العلاّمة الإمام عبدالحميد بن باديس (1889-1940 م) من رجالات الإصلاح في الجزائر و مؤسس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر.
v   عبد الرحمن الكواكبي (1854 - 1902 م) علامة سوري رائد من رواد التعليم ومن رواد الحركة الاصلاحية العربية وكاتب ومؤلف ومحامي وفقيه شهير ، ولد في حلب - سوريا كانت لعائلتة شأن كبير في حلب
v   مصطفى لطفي المَنْفَلُوطي:  (1876ـ1924م) هو مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي أديب مصري من أم تركية قام بالكثير من ترجمة و اقتباس بعض الروايات الغربية الشهيرة بأسلوب أدبي فذ و استخدام رائع للغة العربية . كتابيه النظرات و العبرات يعتبران من أبلغ ما كتب بالعربية في العصر الحديث .
المنفلوطي من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر، كان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه. وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي وكان على خلاف مع محمد عبده، ونشر في جريدة المؤيد عدة مقالات تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف ووزارة الحقانية وأمانة سر الجمعية التشريعية، وأخيراً في أمانة سر المجلس النيابي.
v   الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: (1889-1965 م من أعلام الفكر و الأدب) في الجزائر
زمـيـل ابن باديس في قيادة الحركة الإصلاحية ، ونائبه في رئاسة جمعية العلماء ، ورفيق نضاله لتحرير عقل المسلم من الخرافات والبدع.
v   نيقولا حداد :  (1878-1954)، من طلائع النهضة العربية. تلقى تعليمه في الكلية البروتستنتية السورية ثم هاجر من بعد إلى مصر واستقر بها. عمل على ترويج أفكاره من خلال مطبوعتي المقتطف والهلال اللتان تأسستا على التوالي عامي 1876 و 1892.

-IV خـــــــاتـمــــة:

     عرف الأدب العربي الحديث تطور مشهوداً صاحبه ظهور عدت فنون أدبية شعرية ونثرية كالمسرحية والرواية و القصة......ويعود الفضل في ذلك إلى عدت شخصيات أدبية ساهمة في هذا التطور بإبداعاتها واجتهاداتها ونذكر منهم كل من " طه حسين ، العقاد ، أحمد شوقي ، توفيق الحكيم ، ايليا أبو ماضي ، جبران خليل جبران ، ميخائيل نعيمة ، أحمد أمين ، حسين هيكل ، البشير الإبراهيمي ، سامي البارودي ، نجيب محفوظ ، محمود درويش ، نازك الملائكة ، نزار قباني ...
           

هناك تعليق واحد: