Powered By Blogger

الجمعة، 3 مايو 2013

حرية التعبير في الولايات المتحدة

 

حرية التعبير في الولايات المتحدة

01 آذار/مارس 2013
غلاف الكتيب يُظهر أشخاصًا يحملون لافتات
صورة الغلاف
فيما يلي مقتطفات من كلمة مساعد وزير العدل توماس بيريز، في المؤتمر حول التحولات في قوانين الأمن والحقوق الأساسية، الذي عقد في كوالا لمبور، ماليزيا. يتوفر النص الكامل باللغة الإنجليزية على الموقع الإلكتروني لوزارة العدل الأميركية
... كيف تمنح حكومة ما جميع مواطنيها حق التفكير أو المعتقد أو الصلاة أو الكتابة أو الكلام كما تمليه عليهم ضمائرهم، مع الحفاظ في الوقت نفسه على مجتمع سلمي يحمي جميع أعضائه؟
إنه لمن السهل، من الناحية النظرية، الإشادة بالمبادئ الأساسية للحرية، والعدالة، وحرية التعبير، والمساواة. وإنها في الواقع بعض أنبل المثل العليا التي تطمح إليها البشرية جمعاء. بيد أن كلنا، ممن تسنى لهم شرف الخدمة الحكومية، يعرف تمامًا أنه من الصعب الأخذ بهذه المبادئ ثم تطبيقها – تطبيقًا فعليًا- في طريقة الحكم لبلد ما. فكل بلد من البلدان يكافح لترجمة هذه المبادئ إلى سياسات وقوانين. وينبع التحدي الحقيقي الذي يواجهه كل واحد منا من التاريخ والثقافة الخاصة بكل بلد من بلادنا نفسها. غير أن ما يربط جميع الدول الحرة سوية هو الحقيقة بأننا جميعًا نتبنى هذا الكفاح ونسعى لجعل هذه المبادئ العظيمة تظهر بجلاء في الطريقة التي نحكم بموجبها.
ومع أخذ ذلك الأمر في عين الاعتبار، أود أن أخبركم بما قلّ عن الكفاحات التاريخية لأميركا [مع الحرية، والمساواة، وحرية التعبير].
...
لطالما كانت هناك ناحية معينة من الحريات مغروسة في جوهر المعتقدات الأميركية منذ الأيام الأولى لتأسيس دولتنا، ألا وهي حرية الضمير والمعتقد. قال توماس جيفرسون، أحد مؤسسي دولتنا، إن "من بين أكثر البركات التي لا تُقدر بثمن ... حرية عبادة خالقنا وفق الطريقة التي نعتقد أنها الأكثر توافقًا مع إرادته تعالى". وكتب رئيسنا الأول، جورج واشنطن، في رسالة شهيرة إلى محفل يهودي ... أن الحرية الدينية حق أساسي يمتلكه جميع الناس، وليست امتيازًا تمنحه فئة من الناس لفئة أخرى.
وربما حتى ما هو أهم من كل ذلك أن دستور الولايات المتحدة، وهو برنامج العمل الأساسي حول كيفية حكم دولتنا، قد منح كل مواطن الحق في حرية العبادة. وبناء عليه تلتزم أميركا بالمبدأ القائل بوجوب معاملة معتنقي الديانات المسيحية، واليهودية، والإسلامية، والبوذية، والهندوسية، وأي دين آخر على قدم المساواة، في ظل القانون، وبأنه ينبغي حماية حقهم في العبادة.
لقد سعى مؤسسو أميركا، الذين تولّوا قيادة بلد كان موطنًا لمجموعة متنوعة واسعة النطاق من المعتقدات الدينية، إلى حماية حرية الضمير من خلال وضعهم حُكمًا في التعديل الأول للدستور الأميركي يمنع الحكومة من التدخل في الشؤون الدينية، ويفرض عليها حماية حرية ممارسة الدين. وبالمثل، فقد أدى الاعتراف بأن ناحية مهمة من حرية الضمير تكمن في القدرة على تبادل وجهات نظر المرء، سواء أكانت دينية أو غير دينية، مع غيره، إلى التعديل الأول للدستور الذي ينص أيضًا على تأمين الحماية لحرية التعبير، والصحافة، والتجمع، وكذلك الحق في التقدم بالطلب والالتماس إلى الحكومة.
في بعض الأحيان يمكن أن تبدو الأهداف التي تسعى إلى تأسيس مجتمع تتوفر فيه المساواة الحقيقية للجميع، بغض النظر عن اللون أو العرق أو الدين أو الأصل القومي أو الجنس أو الإعاقة، متناقضًا مع هدف حماية الضمير وحرية التعبير. سيكون هناك دائما، على سبيل المثال، من يستغلون حقهم في حرية التعبير لقول أشياء تكون مستهجنة بالنسبة للآخرين، ما يُحدث انقسامات على امتداد الحدود العرقية أو الدينية.
إلا أنه، وفقًا لتجربتنا، فإن الحقوق الأساسية للمساواة من جهة، وحرية التعبير والضمير من الجهة الأخرى، يمكنهما العمل جنبًا إلى جنب. سأذكر بعد قليل كيف تتعايش الحماية لحرية الخطاب والتعبير مع آليات وأدوات محددة بوضوح لحماية الأقليات العرقية أو الدينية. وفي الواقع، كانت حرية التعبير خلال تجربتنا التاريخية في الولايات المتحدة، ذات أهمية حاسمة في تحقيق المساواة. فقد تم إرساء الحقوق المدنية في الولايات المتحدة ليس لمجرد كون الكونغرس قد صادق على قانون الحقوق المدنية، على الرغم من أن ذلك كان شأنًا بالغ الأهمية، إنما ما كان أكثر أهمية بكثير كان الواقع بأن الأميركيين كانوا يستمعون يوميًا على أجهزة الراديو والتلفزيون خاصتهم إلى كلمات الدكتور كينغ وغيره من قادة الحقوق المدنية. فقد أقنعت أقوالهم وأفعالهم العديد من الأميركيين بأن عبارة "منفصل لكن متساو" لا تعني في الواقع المساواة، وبأن الوقت قد حان للتغيير. وفي الواقع، كان هناك العديد من الذين يعتقدون أن كلمات الدكتور كينغ وغيره من قادة حركة الحقوق المدنية كانت خطيرة، ولذا سعوا إلى منعها لأنها تشوش السلام في تلك المجتمعات الأهلية حيث كانت أغلبية البيض تريد إدامة التمييز العنصري. وقد أخذت هذه القضية طريقها إلى محكمتنا العليا، التي أصدرت حكمها في قضية نيويورك تايمز ضد سوليفان، على أنه لا يحق لمسؤول حكومي في ولاية ألاباما مقاضاة مناصري الحقوق المدنية بشأن إعلان نشر بيانات سلبية حول الشرطة. وسمح تعديلنا الأول لمناصري الحقوق المدنية التكلم علنًا، وإلقاء المواعظ بحرية على منابر الكنائس، وتنظيم المسيرات في الشوارع. وبالرجوع إلى زمن أبعد من ذلك في تاريخنا، فقد سارعت العظات التي ألقاها الواعظون من على المنابر، والمطبوعات التي كتبها المنادون بإلغاء العبودية، إلى إلغائها بالفعل. كما أن حصول المرأة على حق التصويت في الولايات المتحدة جاء نتيجة التحريض والاحتجاج المتواصل دون كلل.
وفي بعض الأحيان، يمكن لحرية التعبير أن تخدم حتى قضية المساواة والتوافق عندما يكون دافع المتحدث هو النقيض تمامًا. فعلى الرغم من التاريخ الطويل للتمييز العنصري في أميركا ... فقد حكمت محاكمنا بأن التعديل الأول للدستور يسمح للمطالبين بتفوق العرق الأبيض أن يسيروا عبر الأحياء اليهودية والأميركية الأفريقية مرتدين رموزًا عدائية تعبر عن معتقداتهم المفعمة بالكراهية. وفي الحين الذي كان يتساءل فيه البعض لماذا ينبغي حماية هذا النوع من التعبير، وجدنا في الولايات المتحدة أن، وفي جميع الحالات تقريبًا، من شأن التعبير عن معتقدات مفعمة بالكراهية أن يستقدم تعابير حتى أكبر وأقوى حول المساواة والانسجام العرقي والديني. فعلى سبيل المثال، بإمكانكم رؤية أن مسيرة قام بها النازيون الجدد لم تحشد سوى العشرات، أو ما يماثل ذلك من المشاركين، قابلتها مظاهرة من المحتجين المسالمين من مختلف الأديان ضمت المئات من المناهضين لأولئك المتظاهرين.
لقد رأيتُ هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة مباشرة في ميرفريزبورو، بولاية تينيسي. كان هناك مجتمع مسلم دأب أعضاؤه على أداء فرائض عبادتهم لأكثر من 20 عامًا في مكتب ضيق، فجمعوا الأموال واشتروا أرضًا لبناء مسجد أكبر قائم بذاته. وعندما وافق المسؤولون المحليون على بناء المسجد الجديد، حصل اهتياج واحتجاج من جانب العديد من السكان المحليين ضده. إلا أن المحتجين هؤلاء جابهتهم مسيرات من مختلف الأديان دعمًا لبناء المسجد. رفع معارضو بناء المسجد دعوى قضائية في محكمة الولاية لوقف بناء المسجد، ولكننا في وزارة العدل رفعنا قضية فدرالية بالمقابل تستند إلى الحقوق المدنية مهدت الطريق للسماح لهم بالانتقال إلى المسجد في الوقت المناسب من شهر رمضان في آب/أغسطس الماضي. تلقى إمام المسجد، الشيخ أسامة بهلول، رسائل كراهية، ولكنه أبلغني بأنه مقابل كل تعليق سلبي، تلقى رسائل دعم أكثر منها بكثير. وبالتأكيد، فإن الجدل حول المسجد أفضى إلى قدر كبير من الدعاية الجيدة، وتلقى الشيخ أسامة رسائل دعم ومساهمات مالية لبناء المسجد من الناس في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك العديد من الجنود الذين يخدمون في أفغانستان. وقد حضرتُ قبل مدة قصيرة حفل الافتتاح الكبير للمسجد، ومن بين الأمور التي شجعتني كان الدعم الذي جاء من مختلف الأديان، بدءًا من رئيس الأساقفة الكاثوليك، ومن واعظين مسيحيين بروتستانت، ومن قيادات يهودية، ومن العديدين غيرهم ممن حضروا هذا الحدث. وكما نص عليه إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في القرار 16/18، يلعب "الحق في حرية الرأي والتعبير" دورًا مهمًا "في تعزيز الديمقراطية ومكافحة التعصب الديني".
إن الديمقراطية يمكن أن تكون عملا فوضويًا، ولكن، مثلما نعتقد، فإن القادة الذين يختارهم الشعب سيحكمون بشكل أفضل من أي حاكم مطلق، وإننا نعتقد أيضًا أن الأفكار التي تظهر من خلال التبادل غير المرتب للأفكار ستكون أفضل من الأفكار التي تفرضها وتراقبها الحكومة.
...
بيدَ أنني أود أن أشدد على الواقع بأننا إذا كنا نملك في أميركا حماية عالية جدًا لحرية الكلام ولحريات التعبير الأخرى، فإن ذلك لا يعني أبدًا بأننا عاجزون عن حماية الأقليات العرقية أو الدينية. فنحن لسنا كذلك أبدًا. أولاً، وقبل أي شيء آخر، يمكننا، والحقيقة أننا نفعل ذلك بكل تأكيد، معاقبة كل من يستخدم العنف الفعلي للتعبير عن كراهيته. فحرية التعبير ليست رخصة للاعتداء، أو القتل، أو الانخراط في أعمال التخريب والنهب.
وثانيًا، وبكل تأكيد، إننا نقوم بمعاقبة أي سلوك تهديدي. وقد تمسّكت المحاكم بأن التعديل الأول للدستور لا يسمح للمتعصبين، باسم حرية التعبير، إرهاب الآخرين من خلال التهديد بتنفيذ أعمال عنف في المستقبل. والآن، ليس كل شيء يتسم بالتعصب والكراهية يقوله أي شخص يُعدّ تهديدًا يُعاقب عليه بموجب قوانيننا. فلكي يكون بيانه خاضعًا للعقاب، ينبغي أن يشكل ما تطلق عليه المحاكم تهديدًا حقيقيًا، أي تهديدًا جديًّا بارتكاب عمل عنيف غير قانوني، بدلاً من أن يكون مجرد جهد للإزعاج أو للانخراط في مبالغات سياسية.
...
وبالمثل، فإن حرية التعبير ليست ترخيصًا بالمضايقة أو التمييز، فإن قوانين الحقوق المدنية الأميركية تحمي الأفراد من التمييز والمضايقة في المدارس وأماكن العمل، والسكن، وغيرها من المجالات الأخرى. فعلى سبيل المثال، تضمن قوانين الحقوق المدنية عدم التمييز العنصري في حقل التعليم، وهذا يعني أن يكون الفرد قادرًا على التعلم في بيئة خالية من التحرش المستند إلى العنصر، أو الدين، أو الجنس، أو العرق. ... لقد ناضلنا من أجل حق الطلاب المسلمين في ولاية تكساس في التجمع لأداء صلاة الظهر، وحق الطلاب المسيحيين في ولاية بنسلفانيا في التجمع لحضور دراسات الكتاب المقدس، وكل ذلك على أساس المبدأ القائل بأن المدرسة كانت قد سمحت للطلاب بالتجمع للقيام بنشاطات غير دينية، وبالتالي، لا يمكنها أن تميّز ضد النشاطات الدينية. وبالمثل كسبنا الحق لفتاة مسلمة في ولاية أوكلاهوما بالتعبير عن إيمانها من خلال ارتداء غطاء الرأس إلى المدرسة. وفي حين أن ارتداء غطاء الرأس في المدارس لا يثير الجدل عادةً في الولايات المتحدة، لكن عندما تحاول حظره مدرسة ما فإننا نكون مستعدين للتدخل.
...
إن فرضنا تطبيق المساواة من خلال قوانين الحقوق المدنية يتداخل إذن مع حمايتنا لحرية الضمير، والدين، والتعبير. فكل حماية لحق من الحقوق تقوّي وتخدم حماية الحقوق الأخرى. إن قوانيننا تحمي الأفراد من العنف، والمضايقة، والتمييز المستند إلى العرق، أو الدين، أو خصائص مشابهة لذلك. ولكن الانسجام القومي الصحيح لا يمكنه البقاء إذا لم تتم حماية الناس وتأمين تكافؤ الفرص. وبالمثل، فإن الانسجام الحقيقي يتطلب النقاش، والتعلم، وتبادل الآراء.
....
إن حرية التعبير يمكن أن تكون عملية فوضوية، إذ يمكنها أن تبث الريبة والشك، غير أن تجربتنا تشير إلى أنها، في نهاية المطاف، ضرورة حتمية لتحقيق الانسجام القومي الحقيقي. وتمامًا مثلما لا يتحقق الانسجام في الموسيقى عندما يغني جميع أعضاء الفرقة النغمة نفسها، فإننا لا نتوقع أن يؤمن الجميع بالمثل العليا نفسها. فنحن نحقق الانسجام عندما نكون قادرين على احترام اختلافنا، واحترام اختلافاتنا في الرأي، وفرض تطبيق قوانينا بما ينسجم مع المبادئ التي نتشاطرها سوية.

Read more: http://iipdigital.usembassy.gov/st/arabic/pamphlet/2013/03/20130308143819.html#ixzz2SEkqPVxG

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق